سورة الرعد - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


ألفْ ميم راء صوتيّة، وقد سبق الكلامُ عليها في سورة البقرة تبدأ بها بعض سورة القرآن، وهي تشير إلى أنه معجز مع انه مكوذن من الحروف.
إن تلك الآياتِ العظيمةَ هي هذا القرآن، الكتاب العظيم الذي نزل عليك أيها النبي، بالحق والصدق من الله الذي خلقك، ولكنّ اكثرَ الناس لا يصدّقون بما جاء بهم من الحق.
هكذا تبدأ السورة بقضية من قضايا العقيدة: قضيةَ الوحي بهذا الكتاب، والحق الذي اشتمل عليه، وتكل هي قاعدةٌ بقية القضايا من توحيد الله، والايمان بالبعث والجزاء، والعمل الصالح في هذه الحياة- فكلُّها متفرعة عن الإيمان بالله، وان هذا القرآن وحي من عنده.


بغير عمد: العمد جمع عمود وهي السواري. مد الأرض: بسطها. رواسي: جبال ثابتة يغشى الليل النهار: يغطيه ويستره. جنات: بساتين. صنوان وغير صنوان: الصنو، النظير والمثل، وجمعنا صنوان. والمراد هنا النخلات الكثيرة يجمعها اصل واحد. وغير صنوان: متفرقات ومن اصول شتى. الأُكُل: ما يؤكل.
بعد أن ذَكّر اللهُ تعالى أن أكثر الناس لايؤمنون، بدأ هنا باستعراض آياتِ القدرة، وعجائب الكون الدّالة على قدرة الخالق وحمته وتدبيره، وما في هذا الكون من امور تدل على وجوده ووحدانيته، بعضها سماويّ، وبعضها أرضي.
{الله الذي رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ استوى عَلَى العرش وَسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأمر يُفَصِّلُ الآيات لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
ان الله الذي أنزلَ هذا الكتابَ هو الذي رفع ما ترون من سمواتٍ تجري فيها النجوم بغير أعمدٍ تثرى ولا يعلمها إلى الله، ثم مَلَكَ هذا الكونَ باستيلائه على العرش، وسخّر الشمس والقمر وجعلهما طائعين، فكلُّ يسيرُ في مدارٍ له لوقتٍ معين بنظام عجيب. وهو سبحانه يدبرّ كل شيء، ويبيّن لكم آياتِه الكونيةَ الدالة على القدرة الكاملة والحكمة الشاملة.
{لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
حين ترون هذه الآيات مفصّلة منسقة.
وبعد أن ذكر سبحانه الدلائل السماوية على وحادنيته أردفها بالأدلة الأرضية فقال: {وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثمرات جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين يُغْشِي الليل النهار إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
وهو سبحانه الذي بسط لكم الأرض، وجعلا متَّسةً تسيرون فيها شرقا وغربا، وهي لِعظَمِها تظهر مبسوطة مع أنها مكوّرة (وهذا أيضاً من عجائب الكون) وجعل فيها جبالاً ثابتة راسيات وانهاراً تجري لمنافع الإنسان والحيوان. وقد جعل في هذه الأرض زوجين اثنين، ذكراً ونثى، من كل أصناف الثمرات. ويتم التلقيح بينهما تلقائيا إذا كان في شجرة واحدنة أو بواسطة الهواء، إذا كانا في شجرتين.
وانه تعالى يُلبِس النهارَ ظلمةً الليل فيستره فيصير الجو مظلماً، وكذلك يلبس الليل ضياءَ النهار فيصير الجوُّ مضيئا، ان في هذا الكون وعجائبه لَعلاماتٍ بينّةً تثبت قدرة الله ووحدانيته للذين يتفَكّرون.
{وَفِي الأرض قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يسقى بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا على بَعْضٍ فِي الأكل إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
وفي الأرض ذاتها عجائب، فهنالك قطع من الأرض يجاور بعضُها بعضا، ولكنها تختلف في التفاضُل، فبعضها قاحل لا يُنبت، وبعضها خِصب جيد التربة ينبت أفضل الثمرات ومنها صالحةٌ للزرع دون الشجر، وأخرى مجاروة لها تصلُح للشجرة دون الزرع، وفيها زرع من كل نوع وصنف، وخيل صنوان يجمعها أصلٌ واحد وتتشعب فروعها، وغير صنوانٍ متفرقة مخلتفة الاصول.. وذلك كلُّه يُسقى بماءٍ واحد لكنه يعطي طعوماً مختلفة.
{إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
ويقدّرون قدرةَ الخالق وحكمته وله يشكرون.
قراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص: {وزرعٌ ونخيل صنوان وغير صنوان} بالرفع والباقون بالجر. وقرأ ابن عامر ويعقوب وعاصم {يُسقى} بالتذكير كما هو في المصحف، وقرأ حمزة والكسائي {يفضّل} بالياء والباقون: {نفضّل} بالنون.


الاغلال: واحدها غُل وهو طوق من حديد. السيئة: النقمة. الحسنة: النعمة. المثلات: مفردها مثلة بفتح الميم وضم الثاء. العقوبة والتنكيل بحيث تترك اثرا من تشويه ونحوه.
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟}.
ان أمْرَ المشركين مع كل هذه الدلائل لَعَجَب، فإن كنت تعجب يا محمد، فالعجب هو قولُهم: أبعدَ الموت وبعد أن نصير ترابا سوف نخلق من جديد؟ ان الذي خلق هذا الدون ودبره قادر على إعادة الناس في بعث جديد.
{أولئك الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدونَ}.
كل هذه أوصافٌ للمنْكِرين للبعث، فمثل هذه الاقوال لا تصدر الا عن الذين كفروا بربِّهم، لقد أغلقوا عقولهم وقيدّوها بالضلال وجزاؤهم يوم القيامة أغلالٌ في أعناقِهم يقادون فيها إلى النار.
قراءات:
قرأ ابن عامر: {إذا كنا} بهمزة واحدة والباقون {أإذا} بهمزتين على الاستفهام. وقرأ نافع وابن كثير ورويس {أاذا} بتخفيف الهمزة الأولى وتليين الثانية.
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العقاب}.
ثم العجبُ منهم أنهم يستعْجِلونك يا محمد أن تأتيَهم بعذابِ الله، بدلاً من أن يطلبوا هدايتَه ورحمته.
لقد مضت العقوباتُ الفاضحة النازلةُ على أمثالهم ممّن أهلكهم الله، وان ربَّك لذُوا عفوٍ وصفحٍ عن ذنوب التّوابين من عباده وان ظَلموا أنفسضهم فترة، لكنه شديد العقاب لِمَن يستمر على ضلاله.
{وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
وهم يطلبون منك آيةً خارقة، والخوارق ليست من عَمَلِ الرسل ولا اختصاصهم. انما يبعث الله بها مع الرسولِ ولا اختصاصهم. انا يبعث الله بها مع الرسول حين يرى بحكمتِه أنها لازمة. ولستَ ايها النبي الا منذراً لهم ومحذراً ولكل قومٍ هاد يهديهم إلى الحق ويدعوم إلى سبيل الخير.
الاغلال: واحدها غُل وهو طوق من حديد.

1 | 2 | 3 | 4